“أيتها المواطنات الفضليات، أيها المواطنون الأفاضل، إنّ التضحيات الجسيمة التي بذلها الشعب الجزائري، شغفًا بالحرية وطلبا للسؤدد وغيرة على السيادة، ستظل مصدر قوة لأمتنا، وهي تجابه التحديات وتخوض معترك بناء الدولة الوطنية، دولة المؤسسات، التي تتجلى فيها -حقًا- مواصفات الحوكمة وتسود فيها قيم المواطنة وتتوسع فيها الحريات المكفولة تحت سلطة القانون.
وإننا في احتفائنا بالأحداث المجيدة الكبرى، ومنها الذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 وانعقاد مؤتمر الصومام في نفس اليوم من سنة 1956، وإذ نجعل من هذه المحطات والمعالم التاريخية المجيدة فرصا متجددة نعتز فيها بتاريخنا، فإنّ واجب الوفاء يملي على جيل الأبناء والأحفاد استكمال مسيرة أسلافنا الأبطال بنفس روح الإخلاص للوطن وبنفس عزيمة وإرادة التغلب على المحن والصعاب.
أيتها المواطنات، أيها المواطنون، في الفترة الأخيرة وجراء ما شهدته بلادنا من كارثة مهولة بسبب الحرائق بالغة الأضرار في العديد من الولايات، أبان الشعب الجزائري الأبي عن تلاحمه ورسوخ روح الأخوة والتضامن، التي لطالما تميز بها في أوقات الشدائد والمحن.
وإننا إذ نجدد تعازينا الصادقة ومواساتنا الخالصة لذوي الضحايا رحمهم الله وندعو المولى عز وجل أن يمن بالشفاء العاجل على المصابين من مدنيين وعسكريين، لنعتز بهذه الروح الأصيلة المتجذرة في أعماق وجدان الأمة، المحصنة لشعبنا الكريم من خبث ومكر وتآمر أعداء الوطن، الذين سيرتد كيدهم إلى نحورهم، وستحين لا ريب في ذلك محاسبتهم على ما اقترفوا ويقترفون من أفعال شنيعة وجرائم بشعة.
وتتيح لي هذه المناسبة أن أهيب بالمواطنات والمواطنين لكي نجعل من المحنة القاسية التي عشناها في تضامن وتآزر رصيدا يعزز وحدتنا الوطنية وأن نجعل -كذلك- من هبة بنات وأبناء الجزائر، وفي مقدمتهم الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، وأسلاك الأمن والحماية المدنية، لنجعل من كل ذلك مكسبا على طريق بناء الجزائر المتضامنة الموحدة القوية.
أيتها السيدات، أيها السادة، نقف اليوم بخشوع وإجلال لنترحم على روح البطل الهمام، الشهيد زيغود يوسف، وإخوانه الشهداء الأمجاد الذين كتبوا بدمائهم الزكية صفحة من مجد الثورة المباركة عندما أمدوها في مرحلة قاسية بعد استشهاد واعتقال رموز من قادتها، أمدوها بزخم ونفس جديدين، فكانت تلك الهجومات منعرجا حاسما في تاريخ الكفاح المسلح ضد الاستعمار، ولنستحضر بنفس المناسبة تضحيات الأبطال الأشاوس الذين التأم شملهم في مؤتمر الصومام في ربوع المنطقة التاريخية الثالثة، نواحي إفري أوزلاقن، إحدى قلاع الوحدة الوطنية.
وفي هذه الفرصة، أجدد، أيتها الأخوات أيها الإخوة، العزم على مواصلة تجسيد الالتزامات والوفاء بما تعهدنا به أمام شعبنا الكريم.
وفي هذا المنحى، يجري التحضير للاستحقاق القادم الذي سيكون في شهر نوفمبر (في حال تحسن الوضع الصحي في بلادنا)، والذي ستنبثق عنه هيئات منتخبة ولائية وبلدية، تواكب وتيرة التنمية بأكثر فعالية ونجاعة، استجابة لحاجيات المواطنات والمواطنين، التي سيتدعم التكفل بالملح منها بتسخير المزيد من الإمكانيات في مخطط عمل الحكومة، الذي ستواصل به -فضلا عن ذلك- العمل على توفير شروط الانتقال السريع لبناء اقتصاد متنوع ومتنامي القوة.
وفي الختام، ونحن نترحم في هذه المناسبة المجيدة الخالدة على أرواح شهدائنا الأبرار، أتوجه بتحية التقدير والعرفان لإخواننا المجاهدين، أطال الله في أعمارهم، وأهنئ شعبنا الكريم، وهو يحتفي بهذه الذكرى التاريخية العظيمة، متطلعا برغم الصعوبات الظرفية إلى المستقبل بثقة وأمل.
عاشت الجزائر أبية، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.