تلمسان- لقيت القافلة الفنية البهجة، التي أنشئت بتلمسان سنة 2020، خلال الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار جائحة كورونا، وكل ما صاحبها من صعوبات جراء الحجر الصحي وتأثيره على نفسية الأشخاص، أصداء إيجابية من طرف سكان الولاية.
و جاءت هذه التظاهرة الثقافية الفريدة بإسهام مجموعة من المنشطين الثقافيين وحكواتيين ومهرجين ولاعبي الخفة وفنانين ينتمون الى جمعيات ثقافية محلية على غرار “أبواب الفن” من تلمسان و”أبناء الأخوين” من الغزوات و”عبد المؤمن بن علي” من ندرومة” و”البدر” من صبرة، و”ابن الشعب” من مغنية.
و قد جابت القافلة عدة أحياء سواء تلك المتواجدة بالمدن أو مناطق الظل في مختلف أنحاء ولاية تلمسان، حيث شاركت بلمسة فنية مرحة في التحسيس حول سبل الوقاية من فيروس كورونا.
وكان الهدف من القافلة هو التوجه الى أبعد الأحياء والقرى، لمشاطرة البعض من البهجة والسرور مع سكانها الذين يعيشون ظروفا استثنائية جراء الحجر الصحي.
واجتهد معدو العروض الفنية في تقديم رسائل تحسيسية هادفة حول الوقاية من الوباء في قالب فكاهي فيه الكثير من المرح، استمتع بها المتفرجون صغارا و كبارا.
ويعتبر رئيس جمعية “أبواب الفن”، الهواري زيتوني، انه يستحيل بقاء الثقافة والفنون جانبا وعدم المشاركة في الظروف الصعبة التي أفرزتها الأزمة الصحية لتفشي وباء كورونا، حيث قال في تصريح لوأج أن الوضع فرض “إيجاد فكرة لزرع الفرح لتمكين الناس من الاستمرار في العيش”.
اقرأ أيضا : النشاط الجمعوي: حصيلة مشرفة في الميدان .. تفعيل دوره دستوريا
وأضاف أن القافلة جابت مناطق الظل، خلال ساعات الحجر، بفضل التسهيلات التي قدمتها السلطات المحلية والتعاون الناجع مع مركز الفنون والمعارض لولاية تلمسان، مبرزا أن محطات التظاهرة بالرمشي ومزاورو والغزوات والسواحلية وسبدو وصبرة وعين فزة و شتوان و ندرومة فضلا عن أحياء التجمع الحضري لتلمسان، لقيت نجاحا كبيرا.
وأشار السيد زيتوني أن سكان هذه المناطق الذين عاشوا ضغطا كبيرا جراء الظروف المصاحبة للازمة الصحية، تفاعلوا بشكل ايجابي مع هذه التظاهرة الثقافية حيث استمتعوا بلحظات لا تنسى بفضل عروض منشطيها الذين تطوعوا للمشاركة في هذه التجربة.
مبادرة أولى ناجحة لمسرح الشارع
اتخذ عدة ممثلين من الشارع ديكورا، حيث قدم كل من بوصالح عبد العزيز، ومصطفاوي عبد القادر، وسليماني عبد القادر، وعبد اللطيف نقادي، والهواري زيتوني، محمد قباطي وجنان وليد ودريس بلال عروضا من مسرح الشارع، فيما اعتادوا التمثيل على الخشبة.
وقد حاول هؤلاء الفنانون التأقلم مع الوضع الجديد وتكييف عروضهم في شكل مسرح الشارع، حيث كانت التجربة أكثر من مثرية و رفعوا تحديا صعبا في جذب انتباه المتفرجين دون استعمال تقنيات الركح من إضاءة وديكور.
وقال الفنان عبد القادر مصطفاوي أن “استقطاب انتباه المتفرجين بوسائل قليلة تتلخص في مكبر صوت وبعض البذلات يعد أمرا غاية في الروعة”، مشيرا الى أن العروض جلبت جمهورا غفيرا حيث احتشد الناس، حتى في النوافذ والشرفات.
واعتبر هذا الفنان أن الوقت قد حان لإعادة الاعتبار لهذا النوع من العروض، وإنشاء مسرح متجول يجوب القرى ويصل الى مناطق الظل، التي يحتاج ساكنتها ليس فقط لمشاريع تنموية، بل الى نشاطات ثقافية من شانها المساهمة في ازدهارها.
ومن جهته أبرز الفنان عبد اللطيف نقادي الذي يتمتع بتجربة كبيرة في مسرح الأطفال، أن مخاوفه قد تلاشت تماما حيث لمس تجاوبا كبيرا من طرف الأطفال الذين حضروا عروضه، خاصة وأنهم اجبروا على المكوث في البيت بعد غلق المدارس.
وأضاف هذا الفنان المسرحي أن “الذهاب الى الجمهور من أجل تقديم له العروض في الشارع يعد تجربة جد مثرية”, مشيرا الى أن التجربة أثارت الرغبة في إعداد عروض اخرى من هذا النوع.
و قد شارك الجمهور في إنجاح هذه التظاهرة الثقافية بتجاوبه الكبير مع العروض المقدمة، حسب المشاركين في القافلة، الذين أعربوا عن رغبتهم في تنشيط هذا النوع من التظاهرات بانتظام في أحياء وقرى تلمسان، بصفة تسمح بتشكيل جمهور وفي للفن الرابع بمدينة الزيانيين.