السادة الصحافيون السيدات والسادة مهنيو وعمال قطاع الإعلام والاتصال نحيي باعتزاز في الثاني والعشرين (22) من أكتوبر مع أسرة الإعلام اليوم الوطني للصحافة..
وفي هذه المناسبة، نقف أمام تضحيات الأسلاف الذين اتخذوا من مجال الصحافة والاتصال، ساحة لنضالاتهم المريرة، منذ بدايات الحركة الوطنية وإبان ثورة التحرير المجيدة، بالكلمة والصوت والصورة، حفاظا على هوية الأمة، ومن أجل إسماع صوت الجزائر في أحلك أيام الاستعمار..
نترحم بخشوع على أرواح الشهداء منهم وعلى من توفاهم الأجل، وهم على العهد باقون، ممن شهدوا لحظة النصر المبين، باستعادة السيادة الوطنية، ونترحم على من غدر بهم الدمويون المجرمون من شهداء الواجب الوطني في سنوات الإرهاب الهمجي.
ونجدد في هذا المقام التقدير والعرفان لمن واصلوا الوفاء للجزائر الحرة السيدة، من نساء ورجال الإعلام الوطني وأثروا بالخبرة والتجربة مكتسبات الإعلام الديمقراطي التعددي الذي اضطلع بمهامه الجيل الجديد من الصحافيين الشباب ليكون بالفعل أحد أهم مرتكزات تحصين الجزائر وتثبيت استقراراها وأمنها القومي.
وإذ نشيد في هذه السانحة بالروح الوطنية والحس المهني لنساء ورجال قطاع الإعلام والاتصال ونؤكد على تكريس حرية الصحافة وتثمين مسايرتها لمقتضيات الرقمنة، بمحتويات وطنية قادرة على إحراز الثقة، بما تعرضه من مادة إعلامية مقنعة وذات مصداقية، عبر مختلف وسائل الإعلام ومن خلال فضاءات الاتصال، فإننا بحاجة إلى المزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف للتصدي لحروب الجيل الرابع الهادفة إلى النيل من الجزائر..
وهي حروب تندرج ضمن مخططات متعددة الأوجه والأطراف، تستهدف بلادنا في أصالتها وهويتها المتجذرة في عمق التاريخ وتمعن في حبك المؤامرات الرامية إلى التأثير على انطلاقة الجزائر الجديدة، المصممة على استعادة دورها الريادي إقليمياـ ومكانتها المستحقة في المحافل الدولية.
السيدات…السادة لقد تعددت أطراف التآمر على أرض الشهداء وجندت أساليب الجوسسة والحرب السيبرانية المركزة وعملت على الإساءة إلى تاريخ الأمة و ذاكرتها..
وكلها محاولات يائسة، ستجهضها الجزائر باستماتة واقتدار ويقظة جميع الجزائريات والجزائريين وتأهب خطوط دفاعات الأمة المتمرسة، والتي يساهم فيها ينات وأبناء قطاع الإعلام الوطني، باحترافيتهم العالية والتزامهم الراسخ، وهم يتصدون بوعيهم الوطني لأكاذيب وتضليل عرابي الحرب السيبرانية القذرة والمهيكلة ولعملائهم المنساقين إلى التورط في الإساءة إلى الجزائر الشامخة بتجنيد مواقع إلكترونية انغمست في وحل خيانة الوطن والأمة.
وبالتأكيد فإن اختيار موضوع “الاعلام بين الحرية والمسؤولية” موضوعا لمسابقة جائزة رئيس الجمهورية للصحفي المحترف هذه السنة، يعبر عن ضرورة التميز بين الإعلام كمنظومة تحكمها ضوابطها المهنية وأعرافها وأخلاقياتها والتسويق الانتهازي المرتزق الذي يستثمر في عديمي الذمة من جهة..
ويؤكد اختياركم هذا، من جهة أخرى، تلك العلاقة المتلازمة بين حرية الصحافة باعتبارها حقا من حقوق الانسان الأساسية الواجب تعزيزها باستمرار وبين المسؤولية في الالتزام بأخلاقيات المهنة المحصنة للمهنيين من كل أشكال التجاوزات والانزلاقات، والتي تعد أساسا لتعزيز الثقة في مؤسساتنا الإعلامية، الساعية إلى التكيف التدريجي مع متطلبات الاعلام الوطني الحر والنزيه، الحريص على تكريس السلام والمساواة والتسامح وعلى احترام الحياة الخاصة للأشخاص وكرامتهم والنأي برسالة الاعلام النبيلة عن إقامة الولاءات الظرفية على حساب شرف المهنة وحق المواطن في المعلومة الموضوعية الصادقة.
وفي هذا السياق، ونحن نشاطركم الاحتفاء باليوم الوطني للصحافة تعبيرا عن ما نوليه من عناية واهتمام لقطاع الاعلام، أذكر بأننا بناء على الالتزامات التي تعهدنا بها أمام الشعب، بادرنا بتكريس حرية التعبير والصحافة الالكترونية في الدستور، وعملنا كذلك على توسيع شبكات محطات السمعي البصري، لاسيما في مناطق الجنوب والهضاب العليا، ضمن مقاربة شاملة ترمي إلى إجراء إصلاحات تشريعية وتنظيمية، ستتم ترجمتها قريبا بمشروع القانون العضوي للإعلام وقانون السمعي البصري، إلى جانب ما تعرفه عملية تسجيل المواقع الالكترونية الموطنة بالجزائر، والمتعلقة بنشاط الاعلام عبر الانترنت من ديناميكية كفيلة بالحد من التجاوزات المتسترة تحت غطاء حرية التعبير وحرية الاعلام.
وفي الأخير، وإذ أنوه بالمجهودات والمساعي الحثيثة والدؤوبة التي تبذلونها في ظروف صعبة أحيانا، للرقي بمستويات الأداء الإعلامي، أدعو الحكومة إلى مواصلة توفير كل وسائل الدعم والإسناد لقطاع الاعلام من أجل تحقيق احترافية حقيقية وفاعلة والتمكين لصرامة آليات الضبط بموجب القوانين السارية، في عالم يحتل فيه سلاح الاعلام والاتصال، من خلال ترقية الابداع والمهارة وتسخير التقنيات المعاصرة، موقعا متقدما وحيويا في الدفاع عن مصالح الشعوب والأمم..
وأتوجه إليكم بخالص التهاني، متمنيا لكم النجاح في تجسيد تطلع الجزائر إلى إعلام مؤثر وجدير بالمنافسة، بفضل الكفاءات التي تزخر بها بلادنا، والقادرة على تثبيت أسس إعلام ديمقراطي تعددي حر في خدمة المجتمع.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.