وفي خطاب المئوية الخامسة، نوّه الأستاذ أحمد خوصة مدير مسرح بسكرة الجهوي إلى أنّ بلوغ فضاء الركح، المئوية الخامسة، هي محطة متجددة للاستحضار والاستذكار والتمعنّ والتأسيس ومزيدًا من التعميق والانفتاح.
وركّز خوصة على تصميم فضاء الركح لمواصلة مغامرة توثيق المنظومة المسرحية، وتعميق مجالات البحث في اشتغالات وتجارب المسرح الجزائري، وتقديم المزيد من الوقفات المنوّعة في سماء مسرحنا الجزائري تكريسًا لديناميكية التطوير الدائم، بالتزامن مع مواكبة نتاجات المسرح العربي والآسيوي والإفريقي والعالمي.
ويراهن فضاء الركح على تشرّب ينابيع العراقة في وطننا المعبّق بحمولات الصور والأسماء والأصوات والكلمات، والمعتّق بجماليات الإبداع، وعلى منوال الـ 16 شهرًا المنقضية، ويحرص هذا المنبر التوثيقي المتخصّص في ترميم الذاكرة الثقافية الوطنية ومرافقة المنشغلين بالشأن الثقافي، على تثمين المنجز في 499 عددًا شهدت مناقشات لقضايا أساسية تخص المسرح الجزائري حاضرًا ومستشرفةً لمستقبلياته، بينها: التكوين الفني، مسرح الجنوب، فن الكتابة المسرحية، ودروب: الاقتباس – التناص – إعادة الكتابة – الجزأرة – الترجمة، فن تسيير الإنتاج المسرحي، الحرف الفنية، مسرح ذوي المهارات الخاصة، فن الخياطة وتصميم الملابس، فن اللواحق الركحية (الأكسسوارات)، الاستثمار المسرحي: بلورة وتصميم عمليات تسيير المشاريع المسرحية الهادفة، المسارح الجهوية والفرق الحرة، الأدب والمسرح: التشاركية والفاعلية، المسرح ومنظمات الشأن الثقافي، المسرح والمؤسسات التربوية والحركة الجمعوية، مسرح الطفل، مسرح الفتيان وغيرها.
وبمرافقة أصيلة لمسرح بسكرة الجهوي، نجح فضاء الركح في التحوّل بشهادات الفاعلين إلى قطب للفكر المسرحي في الجزائر؛ وهامشًا ثريًا بالرؤى الفنية المبتكرة، وعبر خوضه المتعدّد في النقاشات الكبرى واشتغاله الفريد في دروب النوستالجيا، رفع فضاء الركح السقف عاليًا باحثًا عن وصفات جادة لمختلف علل المنظومة المسرحية في الجزائر والعالم العربي، ولعلّ ما تفضّل به المتخصصون من أكاديميين ومخرجين وكتّاب ومديرين وسينوغرافيين وكوريغرافيين من الجزائر وخارجها، وفّر قاعدة بيانات هامة للباحثين والمهتمين.
وحرصًا منا على بلورة أوسع للطروحات، تهيب إدارة فضاء الركح بعموم المتخصصين والمهتمين لتكثيف الإسهام في تطوير عصارة النقاشات الواسعة نحو آفاق أكثر رحابة، وتشكيل محطات متجددة لتكريس قيم ركحية تلهم ثوابت الأمة ثقافياً وحضارياً، على درب نهجكم السامي القائم على دفع الطاقات الواعدة، والحاضن للفعل المسرحي المثمر، والاستثمار الإبداعي المنتج المشعّ المنفتح على أنماط واعدة تؤسس للأرحب.
إنّ فضاء الركح وما يوفره من بنك معلوماتي مسرحي، يراهن على الاستمرار شعلةً تواصلية متقدّة في سياق المسار النبيل المتماشي مع الواقع المعاش وروح الأمل والترقية الشاملة وتثمين المبادرات الخلاّقة، خصوصًا وأننا بحاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى ثقافة راسية فاعلةً متفاعلةً، لا تكن مجرّد مرآة لمجتمعنا، بل تستلهم ذخائر التاريخ الجزائري النفيس لتعمّق نواميس الإبداع وشذرات الابتكار حاضرًا ومستقبلاً.
وتؤكد إدارة فضاء الركح على تشجيع مواهب الشباب والتكفل بانشغالاتهم، وتمكينهم من التعبير بحيوية عن أنفسهم وبلورة طاقاتهم، وتوفير المحيط الملائم أمام الشباب الجزائري الذي يمثّل شريحة هامة لها مكانة طلائعية رفيعة في عالمنا الكبير المسرح، لذا سيهتمّ الفضاء بمسرحي الطفل والفتيان، مثلما سيمعن استقراء الريبرتوار الجزائري والعربي والعالمي نصوصًا وعروضًا ومتابعات، بالتزامن، مع تكريس النقاشات الكبرى واستكشاف النوستالجيا بأعلامها وأعمالها ومآثرها.
ويتطلع فضاء الركح بتوسيع سياقاته، بحيث لا يقف عند حدود المسرح، بل يتعداه ليلامس سائر الفنون والآداب وأوجه الإبداع، منتدى لا يكتفي بالحوارات والمناقشات، ويمتدّ لتعليم جوانب متعددة من الثقافة والفنون واستدراج سائر صنّاع الإبداع: مسرحيون، أدباء، حكواتيون، أدباء، نقاد، مترجمون، أكاديميون، مواهب، أطفال، موسيقيون، سينمائيون، رسّامون، سينوغرافيون، كوريغرافيون، كتّاب سيناريوهات، مخرجون، مسؤولون، ناهيك عن ذوي الهمم، والدفع بالجميع إلى مناقشة الراهن والرهانات بغرض إنتاج وصفات مثمرة للفعل الفني ككلّ.