في مداخلة بعنوان (رسولا من أنفسهم)، قال الإمام عيسى بوخدوني إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قدوتنا في كل شيء يحتاجه المسكين والفقير والقائد وغيرهم، مضيفا أن سيرته كانت بلسم حياة ومنهجا لكل العالمين يؤيده قول الله عزوجل “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” ” فكانت الحجارة تسلّم عليه، وحنّ إليه الجذع الذي كان يخطب عليه ، واشتكى إليه جملٌ من صاحبه، وكان رحمة للإنس والجن. وحتى عندما يذكر المرء النبيَ صلي الله عليه وسلم يشعر بطاقة إيجابية وأعظم منة علينا أننا من أمته صلى الله عليه وسلم” .
و تابع ” عندما ندرس سيرته يتأكد لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة لنا في كل شيء، في مخالطته للناس والصبر على أذاهم ، وفي معاملته للصبيان، و في معاملته لأسرته ، وكيف كان يكاتب الملوك ويتخذ الإجراءات في الحرب، وكيف أعطى للمرأة حقوقها. ومن المفارقات أن بداية دعوته كانت مع السيدة خديجة رضي الله عنها، ونهايتها كانت مع السيدة عائشة رضي الله عنها”.
وأتم ” لذلك، إذا أردنا أن نستقي إنسانيته لا بد أن نعود إلى سيرته العطرة ، فقد كان ذلك الزوج الصالح والرفيق الحسن والقائد الناجح. فمن أراد النجاح مع أسرته أو في مؤسسته وإدارته فعليه بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وبسيرته العطرة. بالمختصر النبي صلى الله عليه وسلم كان قدوة لنا، ودعوته شملت الآفاق وهي باقية إلى يوم الدين”.
أما أستاذة الشريعة الدكتورة شهرزاد عزوزة، فقالت ، في مداخلة بعنوان: (هل فعلا نحبه؟) ” لا ننكر لأي أحد حبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فالجميع يحبه لكن هذا الحب استجمع في قلوبنا ثم انطوى وانزوى في مكان بعيد بحيث أنه غير مفعّل على أرض الواقع ولا يتحرك إلا بالمثيرات الخارجية. نحن نحب أن لا يكون حبنا للمصطفى صلى الله عليه وسلم مجرد رد فعل وهياج، بل يجب أن يكون منهج حياة لأنه لا يمكن أن نقتدي به إذا لم نحبه”.
و استطردت موضحة ” في هذا الصدد كان الإمام عبدالحميد بن باديس رحمه الله يقول “حب النبي صلى الله عليه وسلم حق وواجب”. هو حق للرسول صلى الله عليه وسلم، الذي كابد الكثير من أجل أن يصلنا هذا الدين، وحق لنا لأنه احتياج، فنحن بأشد الحاجة لهذا الحب، لأن من ثمرة هذا الحب هو نصرة النبي، ونصرته صلى الله عليه وسلم هي غذاء لأرواحنا ولشجرة التوحيد في قلوبنا”.
وأضافت ” الله أوجب علينا حبه و لا يوجب الله علينا شيئا إلا إذا كان في قدرتنا. وحبه صلى الله عليه وسلم في قدرتنا جميعا، ذلك أن حبه مرتبط بالفطرة. فالإنسان جُبل على حب من يُحسن إليه، ولا يوجد من أحسن إلى أمته مثل النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كان الإحسان في الشفاعة فنحن نرتقبها يوم القيامة. والنفس أيضا جبلت على حب الكمال والجمال والأخلاق والقيم وغيرها، والنبي صلى الله عليه وسلم جمع من كل ذلك. نحبه أيضا لأن الله أحبه وقد نبهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك فقال ” .. و أحبوني لحب الله إياي”، وايضا هو الطريق إلى محبة الله”.
أما الدكتور محمد سعيد، فأشار ، في مداخلة بعنوان ( من صميم الرسالة )، إلى أن قوله عز وجل “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” تتضمن أداة حصر حيث حصرت كل حركات وسكنات وأقوال وأفعال وإرشادات الرسول صلى الله عليه وسلم وجعلتها رحمة لنا. فحري بنا، وهو بهذا الوصف، أن ننقب في سيرته ونبحث عن الحلول من خلالها لأنه صلى الله عليه وسلم النموذج الفريد الذي أعطاه الله عزوجل لنا سواء بيننا كأفراد أو مجتمعات أو كدول، فسيرته صلى الله عليه وسلم تصلح لجميع المستويات والحلقات”.
وتناول المتحدث مفهوم “الأخوّة” عند الرسول صلى الله عليه وسلم مؤكدا أن هذا المفهوم عميق وغريب جدا، حيث يظهر ذلك في الحب الذي يكنه لصحابته وتهافت الصحابة من أجل لقياه والاستماع إليه ، وأيضا في جزعه صلى الله عليه وسلم من الفتنة بين المؤمنين كما في الحادثة التي وقعت بعد العودة من غزوة بني المصطلق.
وقال ” إذا كنا في موقف أخوة فلنستحضر وقفة الرسول و إرشاداته في كل أمر ، ولو فعلنا ذلك ما كنا لنعرف النزاعات والخصومات العائلية وغيرها. الرسول من رحمته أنه كان رحيما حتى مع أعدائه ومع الكفار والمنافقين، و مع صحابته كان في بعض المواقف يتنازل ويكتم غيضه، ويتعب مثل اي فرد آخر رغم أنه كان رسولا و قائدا ومسؤولا وليس كمسؤولي وقادة اليوم لأنه كان رؤوفا بالرعية ويحمل همها”.
في حين أكد الإمام موسى عزوني، في مداخلة بعنوان (رحمة وهدى للعالمين)، أن البيان الذي أنزله الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم هو بيان وذكر للعالمين ” وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا “.
وقال إن من رحمته صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا مرت عليه جنازة ” نفس تفلتت مني إلى النار”. وحينما وقف على الولد بن اليهودي الذي أسلم وهو يحتضر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له قل لا إله إلا الله وأني رسول الله، فيقول له والده أطع ابا القاسم. وعندما أسلم الولد قبل أن تصعد روحه قال النبي صلى الله عليه وسلم والدموع في عينيه” الحمد لله الذي أنقذه الله بي من النار”. وفي رحمته على من ضربه واعتدى عليه في الطائف وكيف قال لملك الجبال” بل أرجو أن يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصلابِهِم مَن يعبدُ اللَّهَ ، لا يشرِكُ بِهِ شيئًا”، وهذه رحمة منه صلى الله عليه وسلم ونظرة استشراقية للمستقبل، وأفضل ميزة في الحبيب صلى الله عليه وسلم أنه يحب الغير.
المصدر: موقع الإذاعة الجزائرية